تحولت كيبيك من معقل كاثوليكي تقليدي إلى مجتمع متعدد الأديان والتوجهات الروحية خلال العقود الأخيرة.
كانت الثورة الهادئة في الستينيات نقطة تحول محورية، حيث شهدت تراجعاً سريعاً لنفوذ الكنيسة الكاثوليكية، مما فتح الباب أمام عملية علمنة وتحديث عميقة للمجتمع الكيبيكي. ويؤكد علماء الاجتماع أن تأثير هذا التحول يضاهي في أهميته حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة.
وفي خضم هذا التحول، ظهرت العديد من الحركات الدينية البديلة في كيبيك، بعضها مثير للجدل مثل منظمة المعبد الشمسي التي ارتبطت بأحداث مأساوية في التسعينيات. كما وجدت جماعات أخرى مثل "آنت هيل كيدز" والكنيسة الرائيلية موطئ قدم لها في المنطقة.
يتميز المشهد الروحي المعاصر في كيبيك بتنوع استثنائي، حيث يميل السكان إلى تشكيل معتقداتهم الخاصة مستلهمين من تقاليد متنوعة، من الدرويدية إلى الويكا. وقد تعزز هذا التوجه مع تزايد النفور من مظاهر التدين التقليدية، خاصة بعد إقرار قانون العلمانية في عام 2019.
وتتجلى الروحانية الجديدة في ارتباطها الوثيق بالقضايا البيئية والعلمية، حيث تربط المجتمعات الدرويدية الحديثة ممارساتها الروحية بطقوس الطبيعة والعلوم القديمة كالفلك والرياضيات. كما تشمل الممارسات المعاصرة الخلوات الروحية واستشارات التنجيم عبر الإنترنت.
وتلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في نشر هذه التوجهات الروحية الجديدة. فقد أصبحت منصات مثل إنستغرام وتيك توك ساحات نشطة للمجتمعات الروحية، مع وسوم مثل #Witchtok و#Astrologie التي تجذب الجيل الجديد. ويحظى المؤثرون الروحيون مثل إيما بوسيه بمئات الآلاف من المتابعين، متفوقين أحياناً على وسائل الإعلام التقليدية في كيبيك.
وهكذا تحولت كيبيك من معقل كاثوليكي إلى ملاذ للتعبيرات الروحية المتنوعة، في رحلة تعكس البحث المستمر عن المعنى في عالم سريع التغير. وتبقى هذه التجربة الفريدة نموذجاً للتحول الروحي في المجتمعات المعاصرة.