عودة الدعاة السلفيين إلى شوارع سوريا: هذه المرة في باب توما، حي الرسل

أضيف بتاريخ 01/17/2025
دار سُبْحة

في ظل التغيرات السياسية والاجتماعية التي تشهدها سوريا بعد سقوط نظام الأسد، عاد الدعاة السلفيون إلى الواجهة، ولكن هذه المرة في مكان يحمل رمزية تاريخية ودينية عميقة: حي باب توما في دمشق، الحي الذي سكنه الرسل وتنفسوا في أزقته روح المسيحية الأولى. هذه العودة لم تكن عادية، بل جاءت بمظهر لافت ومثير للجدل، حيث يرتدي الداعية زياً يشبه تصوير بوليوود للعربي التقليدي، مما أضفى على المشهد طابعاً فريداً يجمع بين القداسة والحداثة، وبين التراث والاستعراض. 



حي باب توما، المعروف بكنائسه العتيقة وشوارعه الضيقة التي تحمل عبق التاريخ، شهد في الأيام الماضية ظهور داعية سلفي يجذب الأنظار بملابسه التي تذكرنا بأفلام بوليوود، حيث العمامة البيضاء والجلباب الطويل الذي يبدو وكأنه خرج من زمن آخر. هذا المظهر لم يكن مجرد اختيار عشوائي، بل يبدو أنه جزء من استراتيجية لجذب الانتباه وإيصال الرسالة الدينية بطرق غير تقليدية.

الداعية، الذي لم يكشف عن اسمه، بدأ خطبته بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم انتقل إلى الحديث عن "ضرورة العودة إلى الجذور الصافية للإسلام"، مستخدماً لغة بسيطة ومباشرة تلامس قلوب المستمعين. لكن ما أثار الدهشة أكثر هو اختياره لحي باب توما، الذي يعد رمزاً للمسيحية السورية، مما أثار تساؤلات حول الرسالة الكامنة وراء هذه الخطوة. هل هي محاولة لنشر الدعوة في منطقة ذات أغلبية مسيحية؟ أم أنها مجرد استعراض قوة من قبل التيارات السلفية التي تبحث عن موطئ قدم في سوريا الجديدة؟

ردود الفعل على هذا الحدث كانت متباينة. بينما رأى بعض السكان في الحي أن هذه الخطوة تمثل "تنوعاً دينياً وحرية تعبير"، عبر آخرون عن قلقهم من أن تكون هذه البداية لتغيرات أكبر في طبيعة الحي الذي ظل لقرون رمزاً للتعايش بين الأديان. أحد سكان الحي، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، قال: "نحن نعيش هنا في سلام منذ عقود، ونأمل أن تبقى الأمور على حالها دون أي تدخلات تثير التوتر".

من جهة أخرى، يرى مراقبون أن عودة الدعاة السلفيين إلى الشوارع السورية، وخاصة في أماكن مثل باب توما، تعكس تحولاً في استراتيجيات هذه الجماعات التي تسعى إلى ترسيخ وجودها في المشهد الاجتماعي والسياسي الجديد. فبعد سنوات من الحرب والاضطرابات، تبحث هذه التيارات عن طرق جديدة للتأثير على الرأي العام، مستفيدة من الفراغ السياسي والأمني الذي خلفه سقوط النظام السابق.


>