منابر الفتنة: كيف يؤجج الإعلام الصراعات الدينية؟

أضيف بتاريخ 05/12/2025
دار سُبْحة

تلعب وسائل الإعلام دورًا خطرًا في تأجيج الخلافات الدينية والعرقية بين الشعوب. تتحول من أداة لنقل المعلومة الحقة إلى وسيلة لنشر الكراهية والتحريض، خاصة في أوقات الأزمات والصراعات. يتجلى هذا الدور السلبي في العديد من النزاعات، حيث تتحول بعض المنابر الإعلامية إلى منصات للدعاية والتضليل، مما يؤدي إلى تعميق الانقسامات وزيادة العنف بين المجتمعات


>

في النزاع الأخير بين الهند وباكستان، برزت وسائل الإعلام كفاعل رئيسي في تصعيد التوترات. مع تصاعد المواجهات العسكرية، شهدت المنطقة موجة من الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة على الإنترنت، حيث حجبت آلاف الحسابات على منصات التواصل الاجتماعي بأوامر حكومية، بحجة احتوائها على "محتوى استفزازي". في هذا السياق، لم تقتصر خطورة الإعلام على نقل الوقائع، بل تجاوزت ذلك إلى المشاركة الفعلية في صناعة الكراهية، من خلال تبني خطاب قومي أو ديني متطرف، أو عبر نشر مقاطع فيديو وصور تثير مشاعر الغضب والخوف بين الجماهير.

بعض الصحفيين أو القنوات الإعلامية يقومون بتضخيم الأحداث أو انتقاء الأخبار التي تكرس صورة "العدو الديني" أو "الخصم العرقي"، متجاهلين المبادرات الفردية أو الجماعية التي تدعو إلى الحوار والتسامح. بدلاً من تسليط الضوء على الأصوات المعتدلة التي تدعو للسلام والتعايش، يتم تهميشها أو حتى مهاجمتها. مثلما حدث في إحدى المقابلات التي انتشرت مؤخرًا، حيث ظهر شاب هندو-مسلم يدافع بقوة عن قيم التعايش والحوار بين الأديان، في مواجهة صحفي بدا متعصبًا في طرحه، محاولًا استفزاز الضيف ودفعه نحو خطاب الكراهية. لكن الشاب أصر على موقفه الداعي للسلام والوحدة بين الشعوب.



هذا المثال يوضح كيف يمكن للإعلام، إذا ابتعد عن المهنية والموضوعية، أن يصبح أداة خطيرة في يد دعاة الفتنة والانقسام، بدلًا من أن يكون وسيلة للحوار والتقارب. فالتجارب التاريخية، من رواندا إلى البلقان، أثبتت أن الإعلام المحرض قادر على إشعال الحروب الأهلية وشرعنة الجرائم الجماعية، من خلال تكرار الصور النمطية، ونشر الشائعات، وتضخيم المخاوف الجماعية.

إن مسؤولية الإعلاميين كبيرة في مثل هذه السياقات. عليهم أن يدركوا أن الكلمة قد تقتل كما قد تبني، وأن دورهم الحقيقي يكمن في نقل الحقيقة، وتعزيز قيم التسامح والتعايش، لا في تأجيج النعرات الدينية أو العرقية. فالمجتمعات لا تحتاج إلى مزيد من الانقسام، بل إلى أصوات عاقلة تذكر الجميع بإنسانيتهم المشتركة، وتدافع عن حق الجميع في العيش بسلام وأمان.


هكذا كان استقبال أول فوج من الحجاج القادمين من باكستان. 🟢👏