ذكرى رحيل محمد صديق المنشاوي: قارئ القرآن الذي لمس الروح

أضيف بتاريخ 06/21/2025
دار سُبْحة


في مثل هذا اليوم، العشرين من يونيو، تمر ستٌ وخمسون سنة على رحيل أحد أعظم الأصوات القرآنية التي عرفها العالم الإسلامي، الشيخ محمد صديق المنشاوي رحمه الله. حين نذكر المنشاوي، لا نستحضر مجرد قارئ للقرآن، بل نستحضر مدرسة كاملة في الخشوع والسكينة، مدرسة جعلت من التلاوة رسالة روحية تتجاوز حدود الزمان والمكان.

كان الشيخ المنشاوي صوتًا فريدًا، يحمل في نبراته حزنًا شفيفًا وطمأنينة عميقة، كأنه يقرأ القرآن لأول مرة، أو كأنما ينزل عليه من السماء. لم يكن صوته مجرد أداء فني، بل كان نافذة على عالم من الإيمان والتدبر، يوقظ في قلوب السامعين معاني الرحمة والخشية والخضوع لله. لم يكن مستغربًا أن يلقبه الناس بـ"قارئ الخشوع"، فكل من استمع إليه شعر أن القرآن يخاطبه شخصيًا، ويأخذه في رحلة روحانية لا تشبه غيرها.

ورغم مرور أكثر من نصف قرن على رحيله، لا تزال تلاوات المنشاوي تتردد في المساجد والمنازل، وترافق ملايين المسلمين في صلواتهم وخلواتهم. لقد أصبح صوته جزءًا من الذاكرة الجمعية للأمة، ومرجعًا لكل من أراد أن يتعلم فن التلاوة أو يعيش لحظات صفاء مع كتاب الله. لم يكن الشيخ المنشاوي يقرأ ليبهر الناس، بل كان يقرأ ليهدي القلوب، ويزرع في النفوس نور القرآن.

لقد عاش الشيخ المنشاوي حياة متواضعة، بعيدًا عن الأضواء، مخلصًا في عمله، زاهدًا في الدنيا، لكنه ترك أثرًا لا يمحى في قلوب الملايين. واليوم، ونحن نحيي ذكراه، ندعو الله أن يجزيه عن القرآن وأهله خير الجزاء، وأن يجعل ما قدمه في ميزان حسناته، وأن يرزقنا جميعًا حسن الاقتداء به في الإخلاص والتواضع وخدمة كتاب الله.

رحم الله الشيخ محمد صديق المنشاوي، وجعل الجنة مثواه، وجمعنا به في مستقر رحمته.