في مدينة الصويرة، حيث تتلاقى رياح التاريخ ونسمات الحاضر، تجسد ندوة “الهويات المتعددة الثقافات، ذاكرة في حركية” صورة حيّة لمدى انصهار التقاليد الدينية والثقافية المغربية. فقد شدد أندري أزولاي، مستشار الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موغادور، على أهمية الذاكرة المشتركة والمعارف المكتسبة بوصفها محركًا حيويًا للحداثة وضمانًا للصمود الاجتماعي، مبرزًا أن الندوة أوضحت أن الذاكرة ليست مجرد سجل للماضي ولكنها أداة فعالة لبناء المستقبل لجيل جديد من المجتمعات المنفتحة والمنسجمة.
يُلاحظ أن مدينة الرياح أصبحت نموذجًا نادرًا في المنطقة، حيث تتآخى التقاليد الإسلامية واليهودية والمسيحية، لتشكّل إطارًا حيويًا للحوار والاحترام المتبادل، وتؤكد أن الهوية ليست قوة قائمة في ذاتها بل فضاء مشترك وديناميكي يتشكل عبر التاريخ والاختيارات الجماعية.
وشهدت الندوة حضور خبراء وجامعيين وفاعلين من المجتمع المدني ناقشوا رهانات الهوية في وجه التحديات الجيوسياسية والثقافية والدينية والاجتماعية الحديثة، وأشادوا بتجربة الصويرة في زرع قيم العيش المشترك والتسامح، مع التأكيد على الدور المركزي للشباب والتعليم في نقل هذه القيم وصونها للأجيال المقبلة.
وقد توجت أشغال اللقاء بالإعلان عن انطلاق المرصد الأفرو أطلسي، ليكون منصة لتحليل ودعم ديناميات التعدد الثقافي والجيوسياسي في الفضاء الأفرو- أطلسي، ورافعة لتعزيز السلام والتماسك الاجتماعي في سياق يتعاظم فيه التنوع والعولمة.
كما توج الحدث بتوقيع اتفاقية شراكة علمية بين مؤسسة كونراد أديناور ومركز الدراسات والأبحاث حول القانون العبري في المغرب، بهدف تطوير التعاون وتكثيف المبادرات في مجال الحوار بين الثقافات والسلام.
واختتمت أشغال الندوة بعرض الفيلم الوثائقي “رواد السلام” من إبداع تلاميذ نوادي التسامح بالصويرة، مما سلط الضوء على الحماسة الشبابية لتعزيز قيم التعايش والانفتاح ونقل الإرث التاريخي برؤية متجددة.