شهد عام 2023 حدثًا غير مألوف عندما قرر الكاتب الإسباني المعروف خافيير ثيركاس مرافقة البابا فرانسيس في رحلة إلى أولان باتور، عاصمة منغوليا. رغم أن ثيركاس يُعرف بتوجهه الإلحادي العميق وموقفه النقدي من المؤسسة الدينية، لبّى دعوة الفاتيكان لتوثيق هذه الرحلة الفريدة، ليصبح بذلك أول كاتب يحصل على مثل هذه الفرصة.
تهدف الرحلة إلى استكشاف أسئلة جوهرية حول الإيمان، الشك، والبحث عن اليقين، إذ لم تكن دافعه الوحيد مهنياً، بل حملته أيضًا رغبة شخصية لمعرفة إذا كان الموت سيجمع والدته مع والده الراحل، وهو سؤال أراد نقله مباشرة إلى رأس الكنيسة الكاثوليكية.
يقدم ثيركاس من خلال هذا العمل سردًا غنيًا باللقاءات والدلالات، من خلال محاوراته مع البابا وشخصيات دينية وعلمانية. يتناول في كتابه حالة أقلية كاثوليكية صغيرة في منغوليا وسط محيط جغرافي وسياسي تهيمن عليه الصين وروسيا. ينعكس في هذه التجربة روح التحليل الجيوسياسي وتساؤلات حول مكانة القيم الدينية في زمن التقاطعات الحضارية.
ويعترف الكاتب في سرده بفقدانه للإيمان منذ المراهقة، إلا أن هذا الفراغ دفعه للبحث عن بدائل تمنحه الطمأنينة، تارة في الأدب وتارة أخرى في الرياضة أو حتى الهروب المؤقت عبر عادات مختلفة. إلا أن عشقه للأدب بقي أقوى قناعاته، وظل يصف نفسه بـ"مجنون الأدب" وهو يتتبع "مجنون الله" حتى حدود العالم.