يؤمن قطاع واسع من اليهود الإسرائيليين بأن الله منحهم أرض "إسرائيل" كحق أبدي لا يقبل الجدل. هذا الاعتقاد متجذر في نصوص التوراة، حيث ترد وعود إلهية متكررة بأن الأرض الممتدة من نهر مصر إلى نهر الفرات قد وُهبت لنسل إبراهيم، إسحاق ويعقوب، الذين يُعتبرون الآباء المؤسسين للشعب اليهودي. في سفر التكوين، يقول الله لإبراهيم: "لنسلك أعطي هذه الأرض"، ويكرر الوعد ذاته لإسحاق ويعقوب، حتى أصبح هذا الميراث جزءاً محورياً من الهوية الدينية والسياسية لليهود.
تتجلى أهمية هذه العقيدة في الحياة اليومية والتعليم في إسرائيل. فدروس التوراة الإلزامية في المدارس الإسرائيلية لا تقتصر على تعليم النصوص الدينية، بل تزرع في نفوس الطلاب شعوراً بأنهم "ورثة مباشرين لبني إسرائيل القدماء". هذا ما يؤكده البروفيسور رون نافيلد، الباحث في مركز CNRS ومؤسسة EHESS، الذي يدرس كيف تُستخدم هذه الدروس لتعزيز فكرة الميراث الديني والتاريخي للأرض. يرى نافيلد أن هذه المناهج تساهم في تشكيل وعي جمعي يعتبر امتلاك الأرض جزءاً من الهوية والرسالة الإلهية.
التوراة نفسها تُقدّم الأرض كعهد دائم بين الله وبني إسرائيل، مع نصوص واضحة حول حدود الأرض وشرعية امتلاكها. في سفر يشوع، مثلاً، يُحدد النطاق الجغرافي للأرض الموعودة، ويُشار إلى أن هذا العهد لا يُلغى حتى مع طرد اليهود منها في فترات تاريخية مختلفة، إذ تتضمن النصوص وعوداً بالعودة الدائمة إليها. هذا التصور يُعزز في الخطاب الديني والسياسي الإسرائيلي، حيث يُنظر إلى الأرض على أنها ليست مجرد مساحة جغرافية، بل جزء من خطة إلهية أبدية.
من الناحية التعليمية، تلعب دروس التوراة دوراً محورياً في ترسيخ هذه الأفكار. فالتعليم الديني في إسرائيل لا يقتصر على الطقوس والشعائر، بل يمتد ليشمل سردية تاريخية تُقدّم الطلاب كامتداد مباشر لبني إسرائيل، وتُحمّلهم مسؤولية الحفاظ على هذا الإرث. تشير الدراسات إلى أن هذا النوع من التعليم يربط بين الماضي التوراتي والحاضر السياسي، ويُضفي على الصراع حول الأرض بُعداً دينياً عميقاً يصعب تجاوزه.
ومع ذلك، هناك أصوات نقدية داخل الأوساط الأكاديمية والدينية ترى أن هذا الاستخدام المكثف للنصوص الدينية في تبرير السياسات المعاصرة يُغفل التعقيدات التاريخية والسياسية والاجتماعية. فبعض الباحثين، مثل نافيلد، يدعون إلى قراءة نقدية للنصوص الدينية وفهمها في سياقها التاريخي، بعيداً عن التوظيف السياسي المباشر.