في عالم يزداد فيه الاضطراب وتتصاعد فيه الحروب والأزمات، يعود سؤال الإيمان بالمعجزات إلى الواجهة. يرى جان دو مونك، أستاذ علم الاجتماع في جامعة لوفان الكاثوليكية، أن "المعجزات تصبح ممكنة عندما تزداد هشاشة العالم وعدم يقينيته". ويصف المرحلة الراهنة بأنها "عصر فرط اللايقين" في الأنظمة السياسية والاجتماعية، حيث لم تعد القواعد القديمة قادرة على تفسير أو احتواء ما يحدث من تحولات جذرية
يشير دو مونك إلى أن هذا السياق من الفوضى والتقلبات يفتح الباب أمام الأمل في حدوث "المعجزة"، ليس بالمعنى الديني التقليدي فقط، بل أيضاً كرمز لإمكانية حدوث ما هو غير متوقع أو مستحيل في منطق الواقع. فحين تنهار التوقعات وتفشل النماذج التفسيرية، يصبح المجال مفتوحاً أمام تدخلات غير محسوبة، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو حتى روحية.
في ظل الحروب الدائرة حول العالم، يزداد شعور الأفراد بالعجز أمام القوى الكبرى، ما يدفعهم للبحث عن معنى أو بارقة أمل خارج حدود العقلانية الصارمة. هنا، تصبح فكرة المعجزة ملاذاً نفسياً وجماعياً، تعكس توق الإنسان إلى الخلاص أو التغيير المفاجئ في وجه المآسي.
لكن دو مونك يحذر من أن الإيمان بالمعجزات لا يجب أن يتحول إلى استقالة من الفعل أو انتظار سلبي للخلاص، بل يمكن أن يكون دافعاً لإعادة التفكير في الممكن، وتحفيز المجتمعات على تجاوز حدود الواقع المفروض، والسعي نحو حلول غير تقليدية حتى في أحلك الظروف.
في النهاية، تظل المعجزة، في زمن الحروب واللايقين، تعبيراً عن رغبة الإنسان في تجاوز حدود المألوف، وعن إيمانه بأن الأمل يمكن أن يولد من رحم الفوضى، وأن المستحيل قد يصبح ممكناً حين تتغير قواعد اللعبة.