الأسرة والدين... الحصن الاجتماعي الذي يحمي من الانتحار وفق منظور دوركايم

أضيف بتاريخ 07/06/2025
دار سُبْحة

يرى عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم أن الروابط الأسرية والدينية تشكل جدار حماية قوياً ضد الانتحار، إذ تمنح الفرد مستوى عالياً من الاندماج الاجتماعي والشعور بالانتماء. في تحليله الكلاسيكي، يؤكد دوركايم أن الإنسان كلما كان أكثر ارتباطاً بجماعة متماسكة—سواء كانت عائلية أو دينية—كلما تضاءلت احتمالات شعوره بالعزلة أو فقدان المعنى، وهما عاملان أساسيان في نشوء الأفكار الانتحارية.



الأسرة، بحسب دوركايم، توفر للفرد شبكة دعم عاطفي واجتماعي، وتمنحه دوراً واضحاً ومسؤوليات داخل منظومة مترابطة. هذا الإطار يخلق شعوراً بالاستقرار والأمان، ويقلل من مخاطر الانزلاق نحو الوحدة أو فقدان الهدف.

أما الدين، فيمنح أتباعه منظومة قيمية وروحية، ويعزز لديهم الإحساس بالانتماء لجماعة أوسع تتقاسم نفس المعتقدات والطقوس. كما يقدم الدين إجابات عن أسئلة الوجود والمعاناة، ويضع حدوداً أخلاقية واضحة تجاه فكرة الانتحار، ما يساهم في تقوية مناعة الفرد النفسية أمام الأزمات.

تشير الدراسات الحديثة إلى أن المجتمعات التي تشهد ضعفاً في الروابط الأسرية أو تراجعاً في الممارسة الدينية غالباً ما تسجل معدلات انتحار أعلى، ما يؤكد صحة فرضية دوركايم حول أهمية "الاندماج الاجتماعي" كعامل وقائي أساسي. في النهاية، تظل الأسرة والدين بمثابة صمامين أمان نفسي واجتماعي، يحدان من مخاطر الانهيار الفردي في مواجهة الضغوط الحياتية.