شهد العشاء السنوي التاسع والثلاثون للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا (CRIF) أجواء مشحونة بالتوتر السياسي والاجتماعي. أقيم في باريس بحضور شخصيات سياسية ودينية بارزة، وذلك على خلفية تصاعد الاعتداءات المعادية للسامية في البلاد منذ أكتوبر 2023.
في كلمته الافتتاحية، وجّه رئيس الـCRIF يوناتان عارفي انتقادات مباشرة إلى جان-لوك ميلانشون، زعيم "فرنسا الأبية". عارفي اتهمه بـ"تأجيج النقاش العام" وتحويل قضية غزة إلى "شعار انتخابي". واعتبر أن ميلانشون ورفاقه "أعداء حقيقيون للجمهورية" و"أصدقاء زائفون للفلسطينيين" يستخدمون معاناة غزة فقط لمهاجمة إسرائيل وتشويه صورة اليهود. كما لم يوفر عارفي رئيس الوزراء الأسبق دومينيك دو فيلبان من انتقاداته، واصفاً إياه بأنه "ميلانشون الأحياء الراقية"، في إشارة إلى مواقفه المنتقدة لإسرائيل والداعمة للفلسطينيين.
عارفي دعا اليسار الفرنسي إلى "التخلص من الميلانشونية" كما فعلت بريطانيا مع كوربين، معتبراً أن استمرار التحالفات مع "فرنسا الأبية" يمثل "خطأً". وطالب بجعل تأثير هذا التيار السياسي "هامشياً" في الحياة العامة الفرنسية.
من جانبه، ألقى رئيس الوزراء فرانسوا بايرو خطاباً قوياً أدان فيه "الوحشية الهاذية والقاتلة" لمعاداة السامية. وأشار إلى أن "الوحش" لم يعد يقتصر على اليمين المتطرف بل اتخذ وجوهاً جديدة، أبرزها "الإسلاموية الراديكالية". وأكد بايرو التزام الحكومة الفرنسية بمحاربة معاداة السامية، معلناً عن إجراءات جديدة لتعزيز حماية المؤسسات اليهودية وتكثيف الملاحقة القضائية للخطابات المعادية عبر الإنترنت. وشدد على أن الجمهورية الفرنسية ستظل "موحدة ضد الكراهية".
الحدث عكس حجم القلق المتزايد داخل الجالية اليهودية الفرنسية، في ظل استمرار الاعتداءات رغم تراجعها النسبي في الأشهر الأخيرة. وأعاد إلى الواجهة الجدل حول حدود حرية التعبير، مسؤولية النخب السياسية، ودور الدولة في حماية التعايش والسلم الأهلي