شهد الفاتيكان مساء الاثنين 15 سبتمبر 2025 لحظة مؤثرة حين تقدمت ديان فولي، والدة الصحفي الأمريكي جيمس فولي الذي أعدمه تنظيم داعش في سوريا عام 2014، لتروي أمام آلاف المؤمنين ومسؤولين كنسيين ومسؤولين دوليين شهادتها الروحية ضمن فعاليات "يوبيل التعزية" الذي ترأسه البابا ليون الرابع عشر. في وسط جموع يحملون شموعًا وهواتف، اعتلت ديان منصة كنيسة القديس بطرس، متوشحة بالسواد وصليب ذهبي، لترسم بجرأة رحلة ابنها بين الأسر، والصمود الروحي، ثم الفقدان المأساوي، مؤكدة على أهمية الصلاة في مواجهة أقسى محطات الحياة.
استرجعت ديان فولي اختطاف ابنها الأول في ليبيا عام 2011، ومعاناة العائلة وتشبثهم بالأمل عبر الصلاة الجماعية، ثم تجربة عودته وقد تشبع بحس إنساني ورسالة إعلامية لمنح الصوت لمن لا صوت له. بعد خطفه الثاني من قبل داعش في سوريا، ثابرت الأم دون كلل بحثًا عن سبل إنقاذ ابنها من واشنطن إلى الأمم المتحدة ودول كثيرة رغم اليأس الذي بلغ ذروته عند نشر التنظيم لشريط إعدامه. داخل الكنيسة، سردت كيف أدت الصلاة وتعلقها بمثال السيدة العذراء إلى تجاوز المرارة والرغبة في الانتقام، معتبرة أن احتضانها للإيمان هو ما أنقذها من الغرق في الحزن.
المشهد بلغ ذروة التأثر حين تحدثت ديان عن لقائها أحد منفذي الجريمة، ألكساندر كوتي، أثناء محاكمته في الولايات المتحدة عام 2021، وكيف ساعدتها تلك المواجهة على إدراك إنسانية الآخر الذي يحتاج للرحمة مثلها، مؤكدة أن في قوة المغفرة ينبع الشفاء الحقيقي. ختمت فولي شهادتها بإبراز نشاط مؤسسة "James W. Foley Legacy Foundation" التي أسستها بعد فقدان ابنها لتدافع عن حرية الصحفيين ومساعدة الرهائن، مشددة أن الخير يمكن أن ينبُت من المأساة حين يتحول الألم إلى رسالة أمل عبر الإيمان والمبادرة.
في كلمته، ركز البابا ليون الرابع عشر على أن دموع الضحايا ليست دليل ضعف بل نداء للتحرر والتسامح، وأكد أن المحبة أقوى من العنف مهما كان، داعيًا الجميع لاعتماد لغة الرحمة والحماية خاصة تجاه الأضعف والمجروحين في المجتمع[4][6]. بهذا المشهد الاستثنائي، جسدت ديان فولي نموذجًا للارتقاء الروحي وتحويل الفجيعة إلى رسالة رجاء وتضامن عالمي.