يعود الاستشراق في الإعلام الغربي إلى قرن من الزمن، حيث تصوَّر مسلمو هوليود وغالباً الرجال منهم كإرهابيين أو غرباء مثيرين للشك والخوف، من أعمال مثل "24" أو "Homeland" إلى التحقيقات التلفزيونية مثل "Law & Order"، نادراً ما منح هذا الإعلام المسلمين تعقيداً إنسانياً أو قابلية للتعاطف. توثق دراسات مثل كتاب "Reel Bad Arabs" لجاك شاهين وكيفية تصوير العرب والمسلمين كمجانين ومسرفين في العنف، بينما أثبت بحث حديث بجامعة جنوب كاليفورنيا أن غياب أو تشويه صورة المسلم متكرر في أكثر الأفلام شعبية.
في فترة ما بعد 11 سبتمبر، تحسنت الصورة جزئياً بظهور شخصيات "مسلمة إيجابية" ولكنها أدت غالباً إلى تبني نموذج "المسلم الجيد/المسلم السيئ"، حيث يُنظر للمسلم الجيد كمن يتخلى عن مظاهر التدين ويتماهى مع القيم الغربية-liberale من أجل القبول الاجتماعي. حتى الشخصيات الإيجابية مثل عملاء FBI المسلمين أو المتعاونين في "Homeland" و"NCIS" اكتسبوا دوراً يبرر سيطرة الدولة ويعزز عنف "الحرب على الإرهاب".
وقد برز في السنوات الأخيرة "سرد ذاتي" جديد تقوده شخصيات مسلمة حقيقية في الإنتاج الأمريكي والبريطاني. يبرز المسلسل الأمريكي "Ramy" كعلامة فارقة، إذ يتناول قصة شاب مصري أمريكي يعيش ازدواجية الهوية، يمارس عباداته بصدق ويصارع الضغوط الاجتماعية والدينية دون أن يكون الدين مادة للسخرية أو مجرد خلفية. في بريطانيا، يقدم مسلسل "Man Like Mobeen" صورة مركبة لمسلم من أصل باكستاني يكافح ليترك حياة الجريمة وينشئ شقيقته في ظل تحديات العنصرية وتهميش الطبقات الدنيا، كل ذلك وسط سرد ساخر يفضح عنصرية وخطاب الكراهية المنتشرة في المجتمع البريطاني.
أما النساء المسلمات، فغالباً ما ظهرن بشكل نمطي كخاضعات أو محررات عبر علاقة بقوة خارجية، لكن مسلسل "We Are Lady Parts" يضعهن في قلب تجربة فريدة: فرقة موسيقية تغني بعفوية عن هويات متشابكة، وتقدم محتوى يعالج قضايا الجندر، الدين، التحرر والاختلاف بطزاجة كوميدية ودون تبني مركزية العداء أو الرد على الصور النمطية فحسب. شخصيات المسلسل تجمع بين ممارسة الدين—كالصلاة الجماعية—وبين التمرد والفكاهة والجاذبية الشخصية.
نماذج جديدة مثل مسلسل "Mo" على نتفليكس أو الوثائقي "Muslim Matchmaker" تبرز مسلمين واقعيين ومن خلفيات متعددة، وتُسهم في تحطيم الثنائية النمطية "مسلم مهدد/مواطن مندمج"، لصالح صور إنسانية مركبة، متجددة، تتصارع مع التقاليد والمنظومة الحديثة دون أن تكون مجرد انعكاس للواقع السياسي أو رغبة القبول في المجتمع.
الميزة الفريدة لهذا التحول تكمن في استعادة المسلمين لسلطة السرد، وتمثيلهم لأنفسهم دون ضغط خارجي أو حاجة لتبرير وجودهم، ما يحوّلهم من "أهداف" لروايات الآخرين إلى موضوعات سردية أصيلة تفتح نقاشاً غنياً حول القيم، نماذج الذكورة والأنوثة، الدين، التقاليد والهروب من الصور النمطية إلى فضاءات التعدد والاختلاف.