يروي كتاب "القرآن والجسد: رحلة حج إمام مثلي" (Koran and the Flesh: The Pilgrimage of a Gay Imam) للكاتب والباحث القرآني الفرنسي لودوفيك-محمد زاهد (Ludovic-Mohamed Zahed) سيرة شجاعة وشخصية استثنائية تجمع بين الانتماء الروحي العميق والتحرير الهوياتي. يكشف هذا العمل، الذي جاء في شكل مذكرات، عن مسار نشأة زاهد في الجزائر في ظروف الفقر والعنف الأسري، ثم انتقاله إلى فرنسا وبحثه عن الذات ما بين الدين والاختلاف.
يسرد الكاتب، الذي أسس أول مسجد شامل في باريس، كيف عاش صراعات مع الهويات المتعددة التي يحملها: مسلم، إمام، ومثلي الجنس، ويصف كيف أنه وجد في زيارته للحج بمكة لحظة عميقة أعادته لفهم روح الإسلام بعيدًا عن الصور النمطية والأحكام المسبقة. يدافع زاهد بمنطق المستنير والخبير بأن القرآن ذاته لا يحتوي نصًا يدين بوضوح المثليّة أو التنوع الجنسي أو العرقي أو حتى التنوع السياسي، ويرى أن الانغلاق على التأويلات التقليدية هو نتيجة قراءة ضيقة وليست أصل النص الديني نفسه.
يعكس الكتاب قوة المصالحة مع الذات، والقدرة على الجمع بين الإيمان والوعي بالاختلاف من داخل المؤسسة الدينية ذاتها. ويشكل مساهمة فكرية وشخصية في دفع النقاش المعاصر حول الإسلام والحقوق الفردية وحدود التأويل الديني في الغرب والعالم الإسلامي. هذا العمل دعوة صريحة للتحرر من أغلال الجهل والخوف والانفتاح على قراءة شجاعة وحديثة للنصوص الدينية والذات الإنسانية.