"معركة من أجل البقاء: 4,536 يومًا في الأسر" لتورو غوتو — شهادة على حدود التدخل الأسري وحقوق الحرية الدينية في اليابان

أضيف بتاريخ 08/12/2025
دار سُبْحة


يرصد كتاب «معركة من أجل البقاء: 4,536 يومًا في الأسر» لتورو غوتو مسارًا شخصيًا طويلًا من الاحتجاز القسري داخل شقة في طوكيو بين 1995 و2008، بهدف حمله على ترك اعتقاده كعضو في كنيسة التوحيد.

يعرض العمل تفاصيل دقيقة عن عزل كامل تقريبًا عن العالم الخارجي، وسياسات إنهاك نفسي ولغوي مارستها جهات عائلية و«مُبرمِجون» دينيون، شملت جلسات مطولة من مجادلات لاهوتية وضغط عاطفي، إضافة إلى تقنينٍ للطعام في فترات جعل المؤلف هزيلًا وواهنًا.

وفي خلفية هذه التجربة، يبرز تقاطع لافت بين مفهوم «الخلاف العائلي» كما تعاملت معه الشرطة لسنوات، وحدود الحماية القانونية للأفراد حين يتعارض الإكراه الأسري مع حرية المعتقد.

يُبقي غوتو تركيزه على اليوميات الدقيقة للأسر: نظام صارم للوقت كي لا تتلاشى الذاكرة، صلوات صامتة ونصوص مرجعية تمنح اتزانًا روحيًا أمام التعرية النفسية، ومراسلات كتبها ولم تُرسل. وتتحول الشقة إلى مسرح اختبار يمتد على أكثر من 12 عامًا، يتجاور فيه سؤال الكرامة مع سؤال agency الفرد تحت السيطرة.

وتكتسب الصفحات أكثر وقعها حين يُظهر المؤلف الفجوة بين الواقع داخل الجدران وردّ الفعل خارجها: تباطؤ التدخل المؤسسي، وصعوبة توصيف الإكراه الديني ضمن أطر قانونية تقليدية.

بعد الإفراج عنه في 2008، خاض غوتو مسارًا قضائيًا انتهى بحكم لصالحه ضد الضالعين في احتجازه. لا يقدّم الكتاب انتصارًا قانونيًا بوصفه خاتمة مطمئنة؛ بل يقرأه المؤلف باعتراف معنوي يفضح ثغرات بنيوية مكّنت الاحتجاز طويل الأمد. يذهب النص أبعد من الحكاية الفردية ليطرح أسئلة سياسية وقانونية: كيف تُصاغ حماية فعالة لحرية المعتقد عندما تأتي الانتهاكات من دوائر القربى؟ وكيف يُعاد تعريف «التدخل المشروع» في الفضاء العائلي كي لا يتحول إلى قسر؟

أدبيًا، يكتب غوتو بلغة مقتصدة، متماسكة الإيقاع، تُجنّب السرد الزخرفة لصالح بناء توتر داخلي متصاعد. لا يشيطن عائلته على نحو شامل بقدر ما يفكك الدوافع والاصطفافات التي نقلت أقربين إلى موقع الحارسين. وتبرز ثيمة العفو بوصفها اختبارًا أخلاقيًا مفتوحًا: لا تبرير للانتهاك، لكن محاولة لفهمه كي لا يُعاد إنتاجه. بهذه المقاربة، يغدو العمل شهادة ذاكرة وبيانًا حقوقيًا في آن.

تاريخيًا، تتقاطع تجربة غوتو مع جدل أوسع حول كنيسة التوحيد في اليابان، تصاعد بعد 2022 وما تبعه من نقاشات حول التبرعات الدينية وحدود تنظيمها، وصولًا إلى أحكام قضائية في 2025 بشأن وضع الكنيسة القانوني. غير أن الكتاب يتجنب الجدل الدعائي، مُبقيًا مركز الثقل على حق الفرد في عدم الإكراه وعلى مسؤولية المؤسسات عن التوصيف الدقيق والحماية الفعالة.