في شهادة استثنائية تعكس ما يدور في كواليس التيار السلفي في أوروبا، يكشف برونو غيو، الإمام السابق المعروف باسم "سليمان"، عن خفايا تجربته داخل هذا العالم المغلق وبالأخص عن آليات التجنيد والتأثير والتبعات النفسية والاجتماعية للفكر السلفي. كان غيو قد اعتنق الإسلام في سن الخامسة عشرة، قبل أن يدرس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ويصبح داعية نشطاً في صفوف السلفيين، ليخوض لاحقًا رحلة معقدة انتهت بفك ارتباطه نهائيًا بهذا المسار.
من خلال مقابلة حصرية أجراها مع موقع "Breizh-Info"، يوضح غيو كيف أصبحت الجامعة الإسلامية في السعودية مركزًا لتصدير الفكر السلفي وتشكيل أجيال من الدعاة الموجهين لنشر هذا التوجه في أوروبا بشكل منظم ومدعوم ماليًا وسياسيًا. يسلط الضوء كذلك على التحولات النفسية التي تصيب الشاب المتدين حين يجد نفسه بين التقاليد الجديدة المتشددة والضغط الاجتماعي والأسري والاغتراب الثقافي الذي يصاحب عملية التحول الجذري، مشيرًا إلى أن جانبًا مهمًا من قوة التيار السلفي يكمن في قدرته على خلق هوية جمعية بديلة للشباب الأوروبي المسلم، وهو الأمر الذي يفسر انجذاب بعض الشباب لهذا المسار رغم الصعوبات والقيود الاجتماعية التي يفرضها.
برونو غيو يقدم، من واقع معايشته وتجربته الشخصية، جملة من الإشارات التحذيرية للأسر والمؤسسات التعليمة حول علامات التحول نحو التشدد الديني لدى الشباب ويدعو إلى ضرورة التوعية وتعزيز الحوار والانفتاح الفكري لمحاصرة التطرف من جذوره. في المقابل، يؤكد أن الإسلام المعتدل قابل للاندماج في المجتمعات الغربية إذا ما تم الفصل الصارم بين الدين والسياسة، ويدعو لمواجهة فكر العنف والانغلاق بالحوار والنقد الواعي وتجربة إنسانية صادقة مثل تجربته.