البهاغافاد-غيتا : كيف يُعلّمنا هذا النص الهندي الخالد فن خوض المعارك الداخلية

أضيف بتاريخ 09/03/2025
دار سُبْحة


يُعد "البهاغافاد-غيتا" أحد النصوص الأكثر عمقاً وتأثيراً في التاريخ الروحي والفلسفي للإنسانية، فهو يمثل جزءاً محورياً من ملحمة "المهاباهاراتا" الهندية. يُلقي النص الضوء على لحظة وجودية حاسمة، يقف فيها الأمير أرجونا على عتبة معركة فاصلة لا بين جيشين فحسب، بل بين نوازعه النفسية وواجباته الأخلاقية. من خلال حوارٍ بليغ مع الإله كريشنا، تتحول ساحة الحرب إلى مجازٍ عن النزاعات الداخلية التي تخوضها كل نفس بشرية أمام المواقف المصيرية في الحياة.

في مقالها المنشور على صفحات صحيفة "L’Orient-Le Jour"، تستعرض الكاتبة ستيفاني غاسبيه التحليل العميق الذي يمنحه "البهاغافاد-غيتا" لمسألة الشك، والواجب، والخوف، والرغبة في التحرر. النص يكرّس فكرة أن الانتصار الحقيقي ليس فقط في تحقيق الغلبة على الآخر، بل في القدرة على الانتصار على الشكوك والترددات والميول المتضاربة في داخل الإنسان نفسه. وترى الكاتبة أن أهمية النص تكمن في كونه يعبر الثقافات والديانات، ليكون مرجعاً لكل إنسان يبحث عن المعنى في عالم تتزايد فيه التحديات والضغوط.

تستند المقالة كذلك إلى شروحات كبار الفلاسفة والمفكرين الغربيين والشرقيين لهذا النص، لتبرز كيف استلهموا منه رؤى عن الشجاعة الأخلاقية والتحرر الداخلي وقوة الانضباط الذاتي. كما تقدم أمثلة حية حول صدى النص في حياة كثيرين خاضوا تجارب مصيرية أو كانوا على مفترق طرق وجودية، فوجدوا في "البهاغافاد-غيتا" سرداً شافياً لأسئلتهم الوجودية وإلهاماً لطريق السلام الداخلي.

في نهاية المطاف، يبدو أن القيمة الكبرى لـ "البهاغافاد-غيتا" لا تكمن في نصوصه الشعرية فحسب، بل في رسالته المتجددة عبر العصور: كل إنسان يحمل بداخله ساحة معركة، والانتصار الحق يبدأ من الداخل.