يعود الكاتب الإسباني الشهير خافيير سيركاس في كتابه الجديد « المجنون بالله في أقصى العالم » إلى الواجهة الأدبية، حاملاً معه تجربة فريدة أُتيح له خلالها مرافقة البابا فرنسيس في أحد رحلاته الاستثنائية إلى أطراف العالم. يروي سيركاس، بعين الصحفي وأسلوب الروائي، تفاصيل الحياة اليومية للبابا بعيداً عن الأضواء، ويرصد انعكاسات تلك الرحلة على المجتمعات المحلية التي طالها حضور الزعيم الروحي للكنيسة الكاثوليكية
الكتاب يرسم بورتريهاً مختلفاً لشخصية البابا، إذ يكشف عن جانب إنساني عميق يظهر في تواصله المباشر مع البسطاء، وزياراته المفاجئة للأحياء الفقيرة والمؤسسات الاجتماعية ومراكز الحوار بين الأديان. يسلط سيركاس الضوء على قدرة فرنسيس على الإصغاء لهموم الناس وطرح قضايا العدالة الاجتماعية والسلام، بعيداً عن البروتوكولات الرسمية الصارمة المعتادة في المحافل البابوية.
ما يميز هذا العمل أيضاً هو المزج الموفق بين التجربة الدينية والرحلة الإنسانية: يروي سيركاس كيف جاء هذا السفر فرصة لإعادة التفكير في مفاهيم الإيمان والجنون، وحدود التضحية الشخصية في سبيل الرسالة الروحية والإنسانية. تعتبر لحظاته مع البابا مدخلاً للتساؤل عن معنى القيادة الأخلاقية في زمن الأزمات العالمية، وعن طاقة الإلهام التي يحملها الزعماء الروحيون للملايين.
كتاب « المجنون بالله في أقصى العالم » لا يوثق فقط تجربة فريدة، بل يضع القارئ في قلب الحدث والمعنى، ويرصد مفارقات الزمن الحديث حين تلتقي السياسة بالدين وتتشابك مصائر الشعوب مع هواجس الإيمان. بقيادة قلم سيركاس، تتحول التفاصيل الصغيرة إلى مشاهد معبّرة، ليبقى الأثر إنسانياً وفكرياً عميقاً يُلهم القارئ للتأمل في سر الروح .